{قَالَ عِفْريتٌ مِنَ الْجِنِّ} وهو المارد القوي، قال وهب: اسمه كوذى وقيل: ذكوان، قال ابن عباس: العفريت الداهية. وقال الضحاك: هو الخبيث. وقال الربيع: الغليظ، قال الفراء: القوي الشديد، وقيل: هو صخرة الجني، وكان بمنزلة جبل يضع قدمه عند منتهى طرفه، {أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ} أي: من مجلسك الذي تقضي فيه، قال ابن عباس: وكان له كل غداة مجلس يقضي فيه إلى منتهى النهار، {وَإِنِّي عَلَيْهِ} أي: على حمله، {لَقَوِيٌّ أَمِينٌ} على ما فيه من الجواهر، فقال سليمان: أريد أسرع من هذا. فـ {قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ} واختلفوا فيه فقال بعضهم هو جبريل. وقيل: هو ملك من الملائكة أيد الله به نبيه سليمان عليه السلام. وقال أكثر المفسرين: هو آصف بن برخيا، وكان صديقا يعلم اسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطى. وروى جويبر، ومقاتل، عن الضحاك عن ابن عباس قال: إن آصف قال لسليمان حين صلى: مد عينيك حتى ينتهي طرفك، فمد سليمان عينيه، فنظر نحو اليمين، ودعا آصف فبعث الله الملائكة فحملوا السرير من تحت الأرض يخدون به خدا حتى انخرقت الأرض بالسرير بين يدي سليمان.وقال الكلبي: خر آصف ساجدا ودعا باسم الله الأعظم فغاب عرشها تحت الأرض حتى نبع عند كرسي سليمان. وقيل: كانت المسافة مقدار شهرين. واختلفوا في الدعاء الذي دعا به آصف، فقال مجاهد، ومقاتل: يا ذا الجلال والإكرام. وقال الكلبي: يا حي يا قيوم. وروي ذلك عن عائشة. وروي عن الزهري قال: دعاء الذي عنده علم من الكتاب: يا إلهنا وإله كل شيء إلها واحدا لا إله إلا أنت ائتني بعرشها. وقال محمد بن المنكدر: إنما هو سليمان، قال له عالم من بني إسرائيل آتاه الله علما وفهما: {أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ} قال سليمان: هات، قال: أنت النبي ابن النبي، وليس أحد أوجه عند الله منك، فإن دعوت الله وطلبت إليه كان عندك، فقال: صدقت، ففعل ذلك، فجيء بالعرش في الوقت.وقوله تعالى: {قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ} قال سعيد بن جبير: يعني: من قبل أن يرجع إليك أقصى من ترى، وهو أن يصل إليك من كان منك على مد بصرك. قال قتادة: قبل أن يأتيك الشخص من مد البصر. وقال مجاهد: يعني إدامة النظر حتى يرتد الطرف خاسئا. وقال وهب: تمد عينيك فلا ينتهي طرفك إلى مداه، حتى أمثله بين يديك، {فَلَمَّا رَآهُ} يعني: رأى سليمان العرش، {مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ} محمولا إليه من مأرب إلى الشام في قدر ارتداد الطرف، {قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ} نعمته، {أَمْ أَكْفُرُ} فلا أشكرها {وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ} أي: يعود نفع شكره إليه، وهو أن يستوجب به تمام النعمة ودوامها، لأن الشكر قيد النعمة الموجودة وصيد النعمة المفقودة، {وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ} عن شكره، {كَرِيمٌ} بإفضال على من يكفر نعمه.